الثلاثاء، مارس 16، 2010

تعلم التنفير والبلطجة خلال خمسة أيام من دون معلم


بسم الله الرحمن الرحيم
تعلم التنفير والبلطجة في خمسة أيام ومن دون معلم !!!
(إن الإسلام المنشود، هو الإسلام الأول، إسلام القرآن والسنة، سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وسنة الراشدين المهديين من بعده، إسلام التيسير لا التعسير، والتبشير لا التنفير، والرفق لا العنف، والتعارف لا التناكر، والتسامح لا التعصب، والجوهر لا الشكل، والعمل لا الجدل، والعطاء لا الادعاء، والاجتهاد لا التقليد، والتجديد لا الجمود، والانضباط لا التسيب، والوسطية لا الغلو ولا التقصير.
إسلام يقوم على عقيدة روحها التوحيد، وعبادة روحها الإخلاص، وأخلاق روحها الخير، وشريعة روحها العدل، ورابطة روحها الإخاء، وثمرة ذلك كله حضارة روحها التوازن والتكامل.
هذا الإسلام وحده هو الذي يقربنا من العالم، ويقرب العالم منا، وهو الإسلام الذي تتبناه الصحوة الإسلامية، أو ما يجب أن تتبناه الصحوة بكل فصائلها، فلا يخفى أن من فصائلها ما هو في حاجة أن يتجاوز طور المراهقة إلى الرشد.) فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي .

لاتخلوا مكتبة أو باعة الكتب على الأرصفة , من كتيبات تتحدث عن تعلم اللغات , حيث تجد عناوين شتى :
تعلم الإنكليزية أو الفرنسية أو الإسبانية أو أو أو .... خلال خمسة أيام ومن دون معلم !!!
في مقالي هذا لن أتحدث عن تعلم اللغات , بل سيكون الحديث عن ( حزب التنفيروالبلطجة ) ذلك الحزب الذي تخصص في فن التنفير والبلطجة وصد الناس عن بيوت الله ,و يبث أفكاره وسلوكه في المساجد بواسطة أعضائه الذين أصبحوا معروفين ويشار لهم بالبنان , بسبب أفكارهم وسلوكهم وتصرفاتهم التي لاعلاقة لها بالدين الإسلامي , بل تجدهم يفتخرون بسلوكهم ويعتبرونه هو الإسلام , بل قمة الفهم للدين, وكل من خالفهم في ذلك فهو في إعتقادهم : منحرف وضال وفاسد العقيدة , وينظرون إليه نظرة ريبة وشك .
لقد تألقت المساجد عبر التاريخ , فكانت منارة للعلم والمعرفة والثقافة , ومحطة للتربية والتوجيه , ومركزا للإشعاع الحضاري .
لكننا اليوم نلاحظ تراجعا واضحا في دور المسجد , ومما لاشك فيه أن هناك أسباب لهذا التراجع يمكن ذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر :
1- سيطرة الحكومات العلمانية ذات الطبيعة البوليسية على المساجد وتسييرها وفق ما يحقق لها الإستقرار, لجعل الدين محصورا ضمن أسوار المسجد ولا علاقة له بالحياة العامة .
2- أصبحت بعض المساجد تحت سيطرة أشخاص لافهم ولا علم ولا إدارة ولا خبرة لديهم , حتى غدت المساجد عبارة عن متاحف سياحية , تؤدى فيها العبادات بشكل باهت , ولم تعد هذه المساجد تتفاعل مع حياة الناس وواقعهم , ولم تعد تؤدي دور التربية والتوجيه والتعليم الحقيقي .
3- تصدر بعض النفعيون , وأصحاب الأفكار الشاذة والمنحرفة , وذوو الإدعاء للعلم والمعرفة , للإمامة والوعظ والفتوى ,وهؤلاء يجدون الدعم والضوء الأخضر من قبل بعض المتنفذين في إدارات المساجد لنشر وبث افكارهم .
إننا نلعن أعداء الإسلام صباح مساء , ونتحدث عن المؤامرة التي تحاك ضد الإسلام والمسلمين , وهذا موجود لاينكره عاقل ومنصف , و هذا شأن الحق والباطل منذ الأزل , وذلك متوقع من عدور لايرحم ويكره ويحقد على الحق وأهله .
لكن الغير متوقع والمؤسف بآن واحد , هو أن يتعرض هذا الدين لظلم وتشويه وتحريف فادح من قبل بعض أتباعه , وتتنوع صور الظلم والتشويه تلك حتى لم يعد بالإمكان حصرها .
فهناك الفهم السطحي لهذا الدين , وحصره في زوايا المساجد والتكايا .
وهناك تبعيض وتجزيئ الإسلام , والتركيز على جانب معين من هذا الدين وترك باقي الجوانب .
وهناك الخلط بين النصوص القطعية والظنية , والمحكمة والمتشابهة .
وهناك تضخيم الفرعيات والجزئيات على حساب الكليات .
وهناك الكذب والغش والخداع واللف والدوران والفتن .
-1-
وهناك التنفير والبلطجة , وهذا ماسيتم التركيز عليه .
وربما يسأل البعض وماذا تقصد بالبلطجة ؟
البلطجة : هي إستخدام القوة بهدف تحقيق مصلحة خاصة , وأصبحت البلطجة إحدى الظواهر السلبية في بعض المساجد , وكأننا صرنا في زمن قطاع الطرق والقرصنة .
إن البلطجة سلوك مستهجن ومرفوض , ويعتبرها الطب النفسي إحدى الإنحرافات السلوكية التي تحصل نتيجة الإضطراب في تكوين الشخصية .
ولا يشترط أن تكون البلطجة دائما باستخدام القوة والعضلات , بل يمكن أن تكون باستغلال الدعم الذي يلقاه أعضاء ( حزب التنفيروالبلطجة ) من بعض المتنفذين , سواء داخل أجهزة الأمن والبوليس , أو من قبل بعض القائمين على شؤون المساجد .
أو تكون البلطجة من خلال مظهر المسكنة والتباكي وادعاء الإخلاص والتفاني في خدمة الدعوة , والظهور بمظهر أهل العلم , لكسب تعاطف الناس ,ومن خلال هذا الإسلوب الخسيس يبث أفكاره ضد من يختلف معهم , ومما يؤسف له أن البعض وصلت به السذاجة أن يتعاطف مع كل من لبس الثوب وأطلق اللحية , دون النظر لسلوك وتصرفات وأفكار هؤلاء .
وقد تكون البلطجة بالتهديد باستخدام القوة والعضلات .
وأبدأ بهذا المثال عن تصرفات بعض المنتمين ( لحزب التنفير والبلطجة ) .
يروي أحد رواد أحد المساجد فيقول :
اختلفت مع شخص يصلي معنا في المسجد وهو من(حزب التنفير والبلطجة ) فسمعت من هذا الشخص كلاما غير لائق وتصرف غير مقبول كاد يصل إلى الضرب , إنتهت الصلاة , وانتهيت من كافة أذكار الصلاة وخرجت من المسجد , وإذا بنفس الشخص ينتظرني خارج المسجد , وما إن اقتربت منه حتى هجم علي كأسد هصور يريد أن يضربني , فتدخل بعض المصلين وحالوا بيني وبينه , وهذا البلطجي يزاحم المصلين على الصف الأول ومستعد أن يقاتلهم وقد يعتبر قتالهم جهادا في سبيل الله !!!
هكذا , بلطجة وتهديد ووعيد وتنفير الناس , ولا أحد ممن بيدهم الأمر يقف بوجه هؤلاء المنفرين .
وكأنه مفروض علينا أن نعيش بين منهجين :
الأول: بقيادة أعداء الله , وهؤلاء كيدهم وحقدهم معروف منذ اللحظة التي انطلق فيها رسول البشرية محمد صلى الله عليه وسلم يبلغ رسالة السماء .
والثاني : صوت الغلو والتشدد والتطرف , ولي أعناق النصوص , وتفسير الشريعة بما يتوافق مع تشددهم , والتركيز على المتشابهات دون المحكمات , وتضخيم الفرعيات على حساب الكليات .
وكل من خالف مبادئهم ومنطلقات حزبهم , فهو شخص متهم في دينه وعقيدته وولائه .
دار بيني وبين أحد قيادات ( حزب التنفير والبلطجة ) حوار عن المفهوم الحقيقي للجهاد في الإسلام , فكان هذا القيادي مؤيد لقتل الأبرياء من المسلمين الذين يقتلون بسبب العلميات التفجيرية التي حصلت في بعض الدول الإسلامية , وبرر ذلك , أن هؤلاء يقتلون ويحشرون على نياتهم , فسردت له بعض النصوص التي تعصم دماء المسلمين .
فدم المسلم وعرضه، وماله حرام علي المسلم، كحرمة الشهر المحرم، في البلد المحرم ، في اليوم المحرم ، يقول سبحانه وتعالي:
(وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَق) الاسراء: - 33 .
قال سبحانه وتعالي: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) النساء- 93
(وقال صلي الله عليه وسلم : لزوال الدنيا بأسرها أهون عند الله من قتل امرئ مسلم ).
(وقال صلي الله عليه وسلم : ولو اجتمع أهل السموات والأرض علي قتل امرئ مسلم لكبهم الله علي وجوههم في النار).
( وقال صلي الله عليه وسلم : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده).
-2-
( ونظر ابن عمر رضي الله عنه إلي الكعبة، فقال: ما أعظمك وأشد حرمتك عند الله ، والمؤمن أشد حرمة منك.).
وجئت له ببعض أقوال أهل العلم , فذكرت له أسماء بعضم :
لكن لم أكن أتوقع جواب هذا الشخص الذي يتصدر للوعظ والفتوى والإمامة أحيانا .
فقال لي : الله يسامحك كيف تستشهد بهؤلاء , أخي هؤلاء ارتدوا وأصبحوا مخابرات وجواسيس على المسلمين , فانظر يارعاك الله على من يتقدم الصفوف باعتباره داعية أو واعظا أو أو .....
وصدق المثل القائل : إذا كان كبير أهل البيت بالطبل قارع فما شيمة أهل البيت إلا الرقص .
إنه التكفير بدون ضوابط،, ومن المعلوم أن الحكم بالتكفير له ضوابطه وأصوله، التي مَن تَخَطَّاها في الحكم على الآخرين فقد باء بإثمها، والعجيب أن أعضاء ( حزب التنفير والبلطجة ) لايتورعون عن تكفير كل من يختلف معهم.
(يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: إن علماء المسلمين المتكلمين في الدنيا باجتهادهم، لا يجوز تكفير أحدهم بمجرد خطأٍ أخطأه في كلامه؛ فإن تسليط الجهال على تكفير علماء المسلمين من أعظم المنكرات ...)
( ويقول أيضا شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى 35/100-104 في مسالة حكم المرتد : وقد اتَّفق أهل السنة والجماعة على أن علماء المسلمين لا يجوز تكفيرهم بمجرد الخطأ المحض؛ بل كل أحد يُؤخذ مِن قوله ويُترك، إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس كل مَن يُترك بعضُ كلامه لخطأٍ أخطأه، يَكفر ولا يَفسق؛ بل ولا يَأثم، ومِن المعلوم أن المنع من تكفير علماء المسلمين؛ بل دفع التكفير عن علماء المسلمين وإن أخطؤوا - هو من أحق الأغراض الشرعية... فكيف يُكفَّر علماء المسلمين في مسائل الظنون؟ أم كيف يكفر علماء المسلمين، أو جمهور سلف الأئمة، وأعيان العلماء بغير حجة أصلاً؟ )
وذكرني هذا القيادي من ( حزب التنفير والبلطجة ) بشخص يدعي أنه ينتمي لحركة إسلامية عالمية معروفة ومشهورة, اختلف مع شخص مسؤول عن أحد المراكز الإسلامية في السويد , فلم يجد وسيلة للطعن والتشكيك بهذا المسؤول سوى باتهامه أنه ضابط مخابرات وجاسوس على المسلمين , وأنه مزروع خصيصا لضرب العمل الإسلامي !!!
وتعجب كل العجب عندما ترى هذا الشخص بعد فترة يأتي للمركز الإسلامي ويطلب من نفس المسؤول ( ضابط المخابرات ) قائلا علينا أن نتعاون مع بعض وننسق في الأنشطة , فياسبحان الله !!! كيف ينسق مع شخص مخابرات وجاسوس , فما أسهل الإتهامات الخطيرة التي تصدر عن أدعياء ومتسلقي ساحة الدعوة .
لكنه الغلو والتنطع ...
ليس في الإسلام كما أنزله الله تعالى نصّ واحد من النصوص يمكن الاعتماد عليه لتسويغ شكل من أشكال التشدّد والغلوّ والتنطّع والتطرّف، في الفكر أو التطبيق، في العبادات أو المعاملات، أو في مختلف ضروب التعبير. وعلى النقيض من ذلك نجد في الإسلام كما أنزله الله تعالى عشرات النصوص التي تنهى عن التشدّد والغلوّ والتنطّع والتطرّف، وتدعو إلى التيسير والتبشير والتسامح والاعتدال والوسطية.
لم يكن التشدّد والتنطّع ولن يكون هو الإسلام، ولن يكون أحد بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أشدّ حرصا منه على الإسلام والمسلمين، ومن ظنّ ذلك، فزايد على خاتم النبيّين فكرا أو قولا أو عملا، يسري عليه :
( ما قاله صلّى الله عليه وسلّم : فمن رغب عن سنتي فليس منّي ).
وسنّته صلّى الله عليه وسلّم هي الإسلام الوسطي المعتدل، الذي يبشّر ولا ينفّر، وييسّر ولا يعسّر.
ولم يكن التشدّد والتنطّع ولن يكون سبيلا أصلح لنشر الدعوة إلى الإسلام وتمكينه في الحياة والحكم من جديد، فمسلك الإسلام هو الأصحّ، وقد كان مسلكه أثناء بناء المجتمع الإسلامي الأوّل ومن بعد، هو التبشير لا التنفير، واستمالة من عُرفوا بالمؤلّفة قلوبهم بوسائل لم تكن تسري على من ثبت إيمانهم في القلوب وواقع الحياة، مع تعريف غير المسلمين بوسطية الإسلام واعتداله، وليس بصورة متشدّدة تخيف من قد يفكّر به ولم يعتنقه بعد.
ذكر لي شاب جرفه تيار الإنحراف في السويد , فلم يترك معصية إلا واقترفها , وذات يوم جاءته لحظة صفاء ومراجعة لسلوكه وتصرفاته , فما وجد نفسه إلا وهو يتوضأ ويذهب للمسجد ليعلنها توبة , وما إن دخل المسجد حتى قابله أحد أعضاء ( حزب التنفير والبلطجة ) قائلا له : ماذا تفعل هنا ياشيطان ؟! يلا انقلع من المسجد .
فخرج الشاب حزينا مكسور الخاطر , تلازمه ردة فعل عكسية , ووجدها الشيطان فرصة سانحة ليقول له :
-3-
هؤلاء هم المسلمون انظر كيف طردوك من المسجد , فخرج الشاب ولم يعد .
فمن يتحمل تنفير الناس من المساجد ؟؟؟
وهناك أمثلة كثيرة يمكن سردها حول سلوك وتصرفات جماعة ( حزب التنفير والبلطجة ) وكل منا يحفظ الكثير منها , لكن ليس القصد سرد تلك المواقف ,ثم نتحسر لما يحصل , أو نعض الشفاه ألما على مايحصل .
بل المطلوب التفكير والعمل لوضع حد لهؤلاء المنفرين الذين أصبحوا عائقا وعالة على المسلمين ومساجدهم .
المطلوب دراسة تلك الظاهرة ومواجهتها بالتثقيف والتوعية .
إنه من السذاجة ونحن في القرن الواحد والعشرين أن يتمكن البعض من إستهبالنا , أو الضحك على البعض من خلال بعض كلامهم .
كيف يمكن أن يمر شخص أكدت عدة جهات مقربة من هذا الشخص أنه ومنذ فترة قريبة لم يكن يصلي , وفجأة يظهر ويريد أن يتصدر ويتقدم , ومما يؤسف له أن نجد من يفسح له المجال دون التدقيق والتأني , فكيف يستقيم الأمر من شخص كان في أقصى اليسار , ثم فجأة اصبح في أقصى اليمين !!!
أعرف شابا كان منحرفا وفاسدا وماجنا , وفجأة اصبح من رواد المسجد , بل فجأة أصبح عضوا في ( حزب التنفير والبلطجة ) .
نعم الهداية بيد الله , وباب التوبة مفتوح , ولايملك كائنا من كان أن يغلقه بوجه أي مسلم , لكن هناك فرق بين توبة العبد , وبين المناطحة للتصدر والمسؤولية .
( لست بالخب وليس الخب يخدعني ) .
ومازالت المهزلة مستمرة , والبعض مستمتع بها , بل يريد لها أن تستمر ليتمكن من آداء دوره .
طريف السيد عيسى
السويد – أوربرو
16/3/2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أشكرك على المشاركة ,سيتم نشر التعليق بعد تدقيق مضمونه .
(مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)