الخميس، يناير 20، 2011

النجاح والفشل في العمل الإداري


ما من إنسان إلا ويمارس الإدارة بطريقة ما , حتى البيت إن خلا من الإدارة فينقلب وضعه لفوضى وتعاسة , ويعيش من فيه بلا هدف .

إن العمل الإداري الناجح يشكل هاجس لكل من يريد لعمله ان ينطلق على أرضية صلبة .

ويكون صعبا ومستحيلا لدى الفوضويين والمستبدين والديكتاتوريين وأصحاب الإدارة الفردية .

عندما يتم التطرق لهذا المسؤول أو ذاك , أو لهذه الإدارة أو تلك , فمدير نقول عنه أنه ناجح , ونقول عن غيره أنه فاشل , وكذلك نقول هذه إدارة ناجحة وتلك إدارة فاشلة , فتقييمنا حتى يكون منطقيا لابد أن يستند لحقائق وعلم وليس لعاطفة أو هوى النفس أو لمصلحة شخصية , وهذا يقودنا للحديث عن مظاهر النجاح والفشل .

تقول هذه إدارة فاشلة وبالتالي هي لاتستحق الثقة , فكيف توصلنا لتلك النتيجة ؟

بدون تعقيد وبدون تنظير وبكل بساطة :

1-عندما تكون نتائج العمل مخالفة للأهداف , فهذا يعني الفشل .

2-عندما يقف المسؤول الأول في المؤسسة ويتعهد أمام الناس أن عهدا جديدا من الشفافية والنظام والإنضباط ووضع الأنظمة واللوائح سيبدأ , ثم بعد سنوات من العمل لايتحقق أي شئ مما تعهد به , فمعنى ذلك أن تلك الإدارة فاشلة ولا تستحق الثقة , ويعتبر هذا التعهد بمثابة خديعة للناس .

3- عندما يستبد رئيس المؤسسة ويتفرد بالقرارات ويفاجئ أعضاء إدارته ببعض الأمور التي لاعلم لهم بها , فهذا الرئيس فاشل والإدارة التي تقبل بهكذا وضع فهي إدارة فاشلة ولا تستحق الثقة .

4- عندما يتخذ قرار ما ثم يبدأ التهرب منه وكل شخص يقول ليس لي علاقة إنما فلان من قرر , فهذه إدارة فاشلة ولا تستحق الثقة .

5- عندما يرمي الرئيس بالأمور في ساحة غيره , ومثال ذلك : تجد رئيس مركز أو جمعية يبلغك قرار ما وعندما تسأله هل هذا رأي أم قرار إدارة فيقول لك هذا قرار المشايخ اعتقادا منه بإسكاتك عندما يقول لك المشايخ , وعندما يسكت المشايخ على هذا التوريط فهذا يعني أنهم جزء بل حماة للفشل .

6-عندما تنعدم البرامج والخطط والصلاحيات والرؤية فتلك إدارة فاشلة ولا تستحق الثقة .

7- عندما يكون المدير غير قادر أو يتقصد عدم تحديد الأهداف وترك الأمور للفوضى والإرتجال فهذا مدير فاشل , وكل من يسكت عليه فهو فاشل مثله ولا يستحق الثقة .

8- عندما يقف المدير عقبة أمام وضع نظام وصلاحيات ولوائح ويسكت عن ذلك من معه فهذا يعني أنهم فاشلون جميعا ولا يستحقون الثقة , وسكوتهم وتبريرهم خديعة للناس وخيانة للأمانة التي تحملوها .
إن رسم الهدف بشكل واضح وصريح ليس فقط يوفر النجاح للمؤسسات بل يعود على نفوس الإداريين بالحماس المتدفق والروح
الوثّابة التي لا تعرف الملل ولا الفتور لأنّهم دائماً يعرفون ما ذا يريدون ويقومون بما يعتقدون به.

وبهذا نغلق الباب بوجه الفوضى والإرتجال ..

ومن الغريب والمستهجن حقاً أن نجد بعض المدراء يستصعبون طرح الأسئلة على أنفسهم أو على مشاركيهم لتحديد الأهداف وتشخيص الرؤية بل والأغرب من هذا نجد أنّ بعض المدراء يعد مشاورة الآخرين في الخطط والبرامج نوعاً من العجز أو الضعف والبعض الآخر يعدّه نوعاً من الغباء لذلك يتردّدون في الاستفهام عن المطلوب ويكتفون بما عندهم من أفكار وآراء وقرارات ويستغنون عن الآخرين وهذا أمر من شأنه إرجاع المؤسسة إلى الوراء وإظهار الإدارة بوجه فاشل إلا إذا كان المدير يصّر على أنه معصوم؟

وهذا السلوك هو نوع من أنواع الإستبداد والديكتاتورية .

كما أنه من السهل علينا معرفة أن العمل يخضع للنظام أم للفوضى ..

1-إذا وجدت أن معظم القرارات والمواقف والتصرفات إرتجالية فهذه علامة الفوضى .

2- عندما يتم العمل من غير تخطيط ولا رؤية ولا برامج فتلك مؤسسة فوضوية .

3- عندما يستحوذ المدير على كثير من الأمور والمعلومات وكلما طلب منه العاملون المعلومات فيسوف ويؤجل ويماطل فهذا مؤشر على الفوضى .

4- عندما يكون العمل إرتجالي ويوم بيوم ويفكر باللحظة الراهنة ولا ينظر للمستقبل فهذا مؤشر أن المدير فاشل ومن معه فاشلين ومن يسكت عن ذلك فاشلين وفوضويين .

والنتيجة أنّ ما يبذل من جهود وأعمال ونفقات تؤدي إلى ضياع الوقت في الأمور البسيطة وعدم توفره لمعالجة المهمات.. وهذه وحدها تكفي لجعل المؤسسة تراوح في موضعها على أحسن الفروض.. كما تجعل العاملين يعيشون حالة اليأس والجمود والرتابة.. فهل يتوقع لها النجاح بعد ذلك؟

ومن القضايا المهمة التي كثيرا ما تكون محل نقاش ورفض وخاصة من قبل الفاشلين الذين يرفضون الإعتراف بفشلهم رغم أن بعض من يعمل معهم وبعض من حولهم يؤكدون لهم أنهم فاشلين ومع ذلك يصرون على أنه ناجحين , وحالهم كمن يقفز قفزات كبيرة في نومه.

وهناك قضية مهمة تحتاج لتوضيحها حيث لها علاقة بالعمل الإداري بل تعتبر العصب الذي لايكون عمل بدونها وهي القضية المالية .

لايوجد عمل بلا مال , وعندما لاتتوفر جهة معينة تقدم الدعم المالي فلا بد من البحث عن مصادر لتمويل العمل والأنشطة , وهذا عمل لاغبار حوله ولا مشكلة معه , بل مطلوب من العاملين وغيرهم العمل على تأمين المال لضمان استمرار العمل والأنشطة .
ومن الوسائل المشروعة لتأمين المال جمع التبرعات من الناس وحثهم على ذلك وخاصة عندما يكون العمل خدمة للإسلام والمسلمين فيصبح التبرع واجبا ويؤجر الإنسان عليه ويعتبر صدقة جارية له .

فكل ذلك لامشكلة فيه , لكن المشكلة عندما يتم جمع المال ويتم الإعلان عن كمية التبرعات والمبالغ التي جمعت , ثم فجأة يأتي من يطلب التبرع ويعتب على الناس أنهم لايتبرعون كما يجب ( وهنا نجد من الواجب حث الناس على التبرع ولسنا ضد ذلك ) لكن من حقنا وحق كل متبرع أن يسأل عن التالي :

1-هل يوجد نظام مالي يضبط الإيرادات والمصروفات , ويخضع للمراقبة والمتابعة , ومن هي الجهة التي تقوم بهذا الدور ؟

2-هل يوجد نظام مالي يحدد الصلاحيات بما فيها صلاحيات الصرف وسقوفها ؟

3- من هم الأشخاص المخولين بالصرف وما هي حدود الصرف لكل منهم ؟

4- هل يتم الصرف وفق الأولويات أم عبر الفوضى والإرتجال ؟

5- هل كافة أعضاء الإدارة على إطلاع كامل عن الوضع المالي للمؤسسة ؟

6- هل يتم التعامل مع الوضع المالي بشفافية مطلقة ؟

إن عدم توفر ما ذكرناه يعني عدم ثقة الناس بتلك الإدارة , وعدم الثقة تؤدي لعدم التبرع والعزوف عن دعم تلك المؤسسة , وهذا الأمر يتناوله الناس فيما بينهم كلما تمت الدعوة للتبرع , فهل تعي تلك الإدارة سبب عزوف الناس وعدم ثقتها بهم ؟!

ما ذكر سابقا يعتبر علامات ومؤشرات للفشل والفوضى والإرتجال , لكن هذا لايكفي بل لابد من وضع قواعد وأسس للنجاح ومنها :

1-وضع خطة , وأهداف , وبرامج .

2-وضع نظام ولوائح وصلاحيات وهيكلية .

3- تسمية جهة لمراقبة والمتابعة والتقييم .

4- إعتماد الشورى ومشاركة الآخرين في وضع الخطط والأهداف والبرامج والقرارات ,فليس من العيب ولا النقص أن نشارك الغير في رسم مناهجنا ما دام الهدف هو عمل لله .

5- التغيير في المسؤوليات , فكم من مدير يبقى رئيسا للإدارة أكثر من خمسة عشر عاما , وكل المؤشرات تقول أنه مدير فاشل , بل حتى العاملين معه يقولون أنه فاشل ومع ذلك يصر على البقاء رغم رفض الناس له !

6- عدم الإنشغال بالجزئيات والهوامش , وعلينا ترتيب أولوياتنا , لنتمكن من تحقيق الأهداف بجهد أقل ووقت أسرع ونتيجة أفضل .

علينا أن نمتلك الجرأة والشجاعة والقدرة على مواجهة أنفسنا ولانكون كالنعامة التي تدفن رأسها , فنوجه أسئلة واضحة وصريحة:

1-هل نحن منظمين؟
2- هل يسير عملنا الإداري وفق خطة مرسومة؟

ليس من العيب أن نتعرض إلى الفشل, فنحن بشر نخطئ ونصيب , لكن من العيب والخطأ الفاحش أن نصر على الفشل رغم وضوحه وما دمنا نقبل الحقيقة بتواضع ونسعى لقبولها بحكمة وتدبير فإننا لا زلنا في طريق النجاح ومتى ما أخذتنا العزة ولم نزعن للحقيقة نعرف أننا في فشل ونهايتنا إلى الفشل أيضاً.

طريق النجاح يبدأ من التفكيرالسليم والتشاور والاستشارة والتخطيط المدروس حتى نصل إلى الأهداف بأقل جهد وبأسرع وقت وبأفضل ثمر وهناك خطوات ينبغي أن نسلكها في هذا الاتجاه وهي كالتالي :

1- التخطيط : ويقصد به وضع الأهداف وقراءة نتائجها ووضع الحلول للمشاكل التي قد تنجم عنها مضافاً إلى تعيين اسلم الطرق للوصول إليها.

2- التنظيم: ويقصد به تحديد الأهداف البعيدة والأخرى القريبة وفرز الأولويات وتوزيع الأدوار والأوقات على الأفراد المناسبين أو اللجان لإنجازها.

3- المتابعة: وتكون في خطين متوازيين يسيران جنبا إلى جنب :

الأول: التوجيه والسعي المستمر لإيجاد التنسيق والتعاون بين أطراف العمل.

الثاني: السيطرة والمراقبة على الأعمال للتأكد من سير الأعمال وفق الخطّة الموضوعة وتصفية الموانع التي يمكن أن تعرقل مسيرة العمل.

4- التقييم : تبقى الإدارة بحاجة إلى وقفات بين آونة وأخرى لملاحظة سير العمل في الاتّجاه العام وموازنة الخطط والطموحات مع مستوى الأداء.. لتكون مرحلة تقويم وموازنة .

بغير ذلك ومن دون تلك الأسس والقواعد فهي إدارة فاشلة ولا تستحق الثقة مهما جمعت حولها من المشايخ والدعاة , وهؤلاء سرعان ما سيكتشون أنهم وضعوا لتبرير فشل الإدارة , وأنهم رأس الحربة , وسيحترقون هم ويبقى غيرهم بعيدا عن المحرقة .

طريف السيد عيسى

السويد – أوربرو

20/1/2011





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أشكرك على المشاركة ,سيتم نشر التعليق بعد تدقيق مضمونه .
(مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)