السبت، يناير 29، 2011

الجمعيات والمراكز الإسلامية في أوربا وحظها من العمل الإداري والمؤسسي


تنويه : ليس المقصود من العنوان التعميم بل القصد هو تلك الجمعيات والمراكز الإسلامية التي تعمل بلا هدف ولا خطة ولابرامج ولا رؤية ولا هيكيلية تنظيمية ولا عمل مؤسسي , بل يقودها عقلية رئيس متفرد مستبد .

طالما أننا نتحدث عن جمعيات ومراكز إسلامية فهذا يعني أنه عمل دعوي ونشاط لتقديم الإسلام بصورته الصحيحة سواء للمسلمين أو لغيرهم .

ولا نحتاج لإثبات أهمية العلم والصدق والإخلاص في الدعوة فذلك مجاله في غير هذا المقال , إنما أريد التركيز على أهم خصائص العمل الدعوي الذي نريد أن يؤتي أكله ثمارا طيبة ناضجة , حيث من أهم خصائصه أنه عمل مؤسسي منظم لا تستطيع أن تؤديه على خير وجه دون أن يكون هناك تنظيم وإدارة ونظام.

والقاعدة الفقهية تقول : أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .
الدعوة لله تعالى لاتنتج وتحلق إلا بجناحين هما :
1- الروح الدعوية التطوعية.
2- الروح المؤسسية المنظمة.

وأي خلل في أحد الجناحين فيعني الفشل والتخبط والإرتجال والمراوحة في المكان وضياع الوقت والجهد والمال , وفي نفس الوقت لايجوز تحميل الجناح الآخر نتائج هذا الفشل .

في ثقافتنا الإسلامية يوجد فقه الحلال والحرام وفقه السيرة وفقه الواقع ... وكذلك يجب أن نوجد ما يسمى بقفه الإدارة في مؤسساتنا وجمعياتنا ومراكزنا , وليكون هذا الفقه ناضجا فلابد ان يشمل :

1- رسالة وأهداف واضحة ومحددة.

2- هيكل تنظيمي وتوصيف للمهام والوظائف والمسئوليات والصلاحيات .

3- كوادر بشرية تمتلك الخبرة والكفاءة ومستعدة للعمل.

4- معلومات كافية تسهل في عملية اتخاذ القرارات المناسبة .

5- العمل بروح جماعية تستند للشورى والمشاورة وترفض التفرد والإستبداد.

ولنعد للبنود الخمسة السابقة لنتعرف على المقصود من كل بند .

رسالة وأهداف واضحة ومحددة .

فلينظر كل مسؤول وكل عامل في أي جمعية أو مركز يعمل وينشط بها :
هل لتلك المؤسسة رسالة مكتوبة وواضحة ، ويعرفها جميع من يعمل في تلك المؤسسة ؟

هل هذه الرسالة تجيب بوضوح عن سبب وجود تلك الجمعية أو المركز وماهو الغرض من إنشائها ؟

ماذا تقدم تلك الجمعية أو المركزللمجتمع المحيط أو الذي توجد فيه ؟

ماذا أضافت تلك الجمعية أو المركز للمجتمع ؟

هل هذه الرسالة تحدد الأهداف وتنفيذها خلال مدة محددة ؟

أصحاب العقلية الفردية والذين يفتقدون للعمل المؤسسي سوف يقللون من أهمية العمل المؤسسي وباستمرار يكون ردهم :ما هي الفائدة من وجود هذه الرسالة ؟

إن وضع الرسالة الواضحة والمحددة لأي مؤسسة سوف توضح الرؤية التي تعمل من خلالها، وبالتالي سوف تضع أمام أعين العاملين جميعًا الهدف الذي يسعون إليه وينشغلون به، فيركز كل شخص على الوصول لذلك الهدف.

أما الكلام المنمق والخطب الحماسية التي تستثير المشاعر والعواطف فهي ذات أثر وقتي ثم تنسى , أما النظام والتخطيط ووضع البرامج والمتابعة فهو الباقي .

هيكل تنظيمي وتوصيف للمهام والوظائف والمسئوليات والصلاحيات .

عندما ننظر في واقع بعض الجمعيات والمراكز الإسلامية من تداخل وتضارب وتعارض بين المسئوليات والصلاحيات ,وعندما تجد رئيس المركز يتجاوز الجميع ويقرر نيابة عنهم , وعندما تجد رئيس لجنة يتدخل في شؤون اللجان الأخرى , وعندما تجد لجان ميتة ولا تقوم بأي نشاط , ثم بعد ذلك تجدهم يستعرضون نشاط المركزوكأنك أمام مؤسسة عريقة في العمل المؤسسي , بينما الواقع والحال يؤكدان الخداع الفظيع للناس, ومما يؤسف له أن من تحسن الظن بهم يشاركون في هذا الخداع , وإن لم يشاركوا به فهم يعلمون حجم الخداع ومداه لكنهم يصمتون !!! ولكن مهما طال الوقت فسيكتشفهم من يعمل معهم أولا ثم يكتشفهم الناس على حقيقتهم , وهناك مراكز وجمعيات ومؤسسات انكشفت حقيقتها فانفض من حولها الناس عندما عرفوا الحقيقة .

الذي يريد النجاح لجمعيته ومركزه فعليه أن يعيد تنظيم المركز من جديد، ورسم هيكل تنظيمي يحدد العلاقات بين العاملين واللجان المختلفة، وبالتالي يحدد العمل الذي تقوم به كل لجنة وصلاحياتها ومسئولياتها، فلا يُعقَل أن تقوم مثلا لجنة الدعوة بدور اللجنة الإجتماعية , أو تتدخل اللجنة الإجتماعية بعمل اللجنة المالية , وهذا التعارض والتدخل يحدث تشاحن وجفوة بين العاملين، فالطبيعي أنه حين تكون الأمور غير منتظمة أن يحدث هذا التشاحن.

فلا بد من التوصيفات لكل مهمة ووظيفة ، بحيث تُحدّد لكل فرد في المركز ما هو العمل الذي يقوم به بالفعل، وما هي صلاحياته ومسئولياته، وبذلك وباحترام هذه التوصيفات سوف تقل كثيرًا المشاحنات والجفوة بين العاملين .

كوادر بشرية تمتلك الخبرة والكفاءة ومستعدة للعمل.

قيل : ضعوا الرجل المناسب في المكان المناسب ...

دائما نشتكي من الأنظمة المستبدة أنها تجمع حولها البطانة الموالية المصفقة والتي تهز الرأس دائما بالموافقة , لكن هناك
مؤسسات إسلامية لاتقل سوءا في ذلك المجال عن تلك الأنظمة , حيث تجد الرئيس يحاول تقريب الموالين والمصفقين

له , ويحاول إبعاد أصحاب الخبرة والكفاءة والرأي المستقل , وهناك أمثلة شاهدة على ذلك سيأتي يوم ونتحدث عنها ونسمي الأشياء بأسماءها , وقريبا سأبدأ بسلسلة قد بدأت فيها منذ مدة ولكن تدخل بعض الأشخاص ورجوني بالتوقف عن الكتابة ونزولا تحت رغبتهم وأملا في الإصلاح توقفت , ولكن وبعد أن وجدت أن هناك عقلية متحجرة ومتخشبة ولها مآرب أقل ما يقال عنها أنها لاتعيش إلا على التفرد والإستبداد وتفريغ العمل الإسلامي من مضمونه , فوجدت لزاما أن أعيد الكتابة منذ اللحظة الأولى ليعرف الناس الحقيقة .

إن العمل لله تعالى إن لم يكن متجردا وبعيدا عن المجاملات على حساب الدعوة فهو عمل فاشل وأقل ما يقال عنه أنه عمل لتخليد الأمجاد الشخصية .

تتألم عندما تسمع لمسئول في أحد المراكز الإسلامية وهو يبرر وجود أحد الأشخاص في الإدارة قائلا : وضعناه لأن لسانه طويل !!!

أو وضعناه إرضاء للجالية التي يتبع لها , وطبعا هناك معادلة ليست سهلة في التوفيق بين مكونات الجالية , لكن بالإمكان إختيار أصحاب الكفاءة والخبرة من كل جالية .

في أحد الإدارات تم اختيار شخص ليشغل رئيس إحدى اللجان , والمشكلة أنهم يعلمون أنه ليس أهلا لذلك المنصب وغير نشيط ودائما يتحدثون في غيبته ويشتكون من عدم قدرته على العمل ومع ذلك يصرون على بقاءه !!!

فأي إدارة تلك التي يطعن بعضهم ببعض؟ , وأي رئيس مركز أو جمعية هذا الذي يطعن بمن يعمل معه ؟.

هناك كلام كثير سيقال ويبدوا أن هذا المركز يحتاج لوثائق ويكيليكس لتكشف المستور !!!

ولتكون عملية الإختيار شفافة وبعيدة عن الأهواء والمصالح الشخصية فلا بد من وضع قواعد وأسس صحيحة , ومما يساعد على حسن الإختيار :

أن يكون صاحب خبرة وكفاءة ولديه معلومات جيدة عن المجال الذي سيعمل به .

عمل دورة توضيحية حول رسالة المركز وأهدافه وطبيعة عمله وأنظمته ولوائحه .

تعريف كل عضو إدارة وعضو لجنة وأي من العاملين بواجباته وإطلاعه على التوصيف الوظيفي .

تعريفهم بحدود مسؤولياتهم وصلاحياتهم .

عمل دورات وبرامج تدريبية لتطوير المهارات والقدرات .

متابعة ما يصدر حول علم الإدارة .

لقد حث الإسلام على انتقاء ذوي الكفاءات ، ومن العدل والإنصاف والصدق والإخلاص أن تضع الرجل المناسب في المكان المناسب , فتضع المحاسب في القسم المالي , والإداري مديرا , ومن الظلم والخيانة أن تضع الجاهل في موضع العالم , والضعيف وعديم الخبرة مديرا .
كثيرا ما يقف الخطباء على المنابر يحدثوننا عن أحاديث علامات الساعة ومنها أن يوسد الأمر إلى غير أهله ، وذلك تضييع

للأمانة كما في الصحيح وغيره, لكنهم لايعقبون على ذلك موضحين أنه حتى إدارات الجمعيات والمراكز لها علاقة بذلك

الحديث , لأنهم لوفعلوا ذلك فقد يخسرون الصعود على المنبر ...

فالنجاح بصفة عامة يكمن في تكوين الإدارات على أساس الكفاءة والخبرة ، لا على أساس المحسوبيات أو العصبيات .

(أخرج الحاكم . روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من ولي على عصابة رجلا وهو يجد من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين).

هناك من لايدرك أهمية وخطورة عمل الجمعيات والمراكز الإسلامية , لايدرك أننا سفراء لحضارة نريد لها الإنتشار واثبات

الذات بعد أفول , وهذا لايتحقق بالفوضى والعشوائية والإرتجال , بل يتحقق : بالعمل المؤسسي والخبرة والقوة العلمية.

ولا نغفل الجانب الإيماني والروحي فنحن لسنا ماديين بل حملة دعوة ربانية ولا بد أن يتعانق الجانب الإيماني والروحي مع الجانب الإداري والمؤسسي .

وأي مؤسسة لاتسودها روح إيمانية فهي جسد بلا روح ولا ينتظر منها عطاء , بل لابد ان تنخرها القسوة والغفلة والمادة وسرعان ماتنهار .

وهناك قضية مهمة لها علاقة بالعاملين لابد من توضيحها والحديث عنها وهي قضية التفرغ في العمل الدعوي .

مما لانقاش حوله أن أي مؤسسة تحتاج لشخص أو أكثر وحسب حجمها للتفرغ بحيث يتقاضى راتبا مقابل العمل الذي يقوم به , ويجب أن يكون هذا الراتب بالقدر الذي يجعله يعيش عيشة كريمة .

لكن المخيف أن يتحول التفرغ لمطلب كل العاملين وبذلك تنقلب المؤسسة لدائرة رسمية يموت فيها روح التطوع .

نعم يتحول العمل من عمل طوعي دون مقابل مادي، إلى عمل يتقاضى القائم به راتبًا، وبالطبع تكون هناك امتيازات مادية وإدارية لبعض الأفراد دون بعض، مما يتسبب في وقوع المشاحنات وتغير القلوب.

ومما يثير المشاكل أن تجد من يدعوك دائما للتضحية ثم تكتشف أنه يتلقى أجر مادي لقاء عمله , فأين هو من التضحية ؟!

ومما يحقق النجاح في العمل الدعوي وبما يتعلق بحسن الإدارة : الإتقان والإحسان .

عندما يتم التطرق لحديث جبريل وتعريفه الإحسان فيتم حصر الإحسان في جوانب محددة , ومعلوم أن الإحسان والإتقان مطلوبان شرعاً لأن الله كتب الإحسان على كل شيء ، ولا يتحققان إلا إذا وضع الإنسان في مكان يستحقه بما يحمل من خبرات وكفاءات .

ولنأخذ مثلا واضحا من سيرة خير الخلق صلى الله عليه وسلم .

(جاء في صحيح مسلم .فلقد جاء أبا ذر الغفاري طالبا الإمارة , فقال له صلى الله عليه وسلم : يا أبا ذر إنك ضعيف ،وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأعطى الذي عليه فيها ).

-4-

فلقد رأى النبي عليه الصلاة والسلام أن أبا ذر الغفاري لم تكن مواهبه الإدارية مؤهلة له لمرتبة الإمارة وسياسة الناس ،

واعتبره ضعيفاً في هذا المجال ، فصرفه عن طلبه هذا مع محبته له، وتزكيته له بأنه أصدق الناس لهجة ،وكان بإمكان الرسول صلى الله عليه وسلم مجاملة أبا ذر وتوليته على أمر من أمور المسلمين ولن يجد من يعترض على ذلك , لكن حاشا لرسول الله معلم الناس المبادئ أن يحيد عنها .

بينما يعتصرك الألم عندما ترى واقع بعض المراكز والجمعيات من المجاملات على حساب الدعوة .

فيتم توزيع المهام والوظائف من دون خوف أو خشية لله تعالى , بل فقط لإرضاء هذا وذاك , وإرضاء هذه الجالية وتلك , وبغض النظر عن الكفاءة والخبرة .

فالنظر لحالهم وواقعهم, يجعلك تشفق عليهم ...

بالإمكان مجاملة هؤلاء والتصفيق لهم ومدحهم , لكن ذلك مخالف لتعاليم الإسلام وخيانة للنصيحة , بل لابد من المصارحة والمكاشفة لأن سوء الإدارة وهذه الفوضى وعدم توفر ما ذكرته يعني أن هذه الجمعية أو هذا المركز اصبح عبء على الدعوة ومعوقا لها لأنهما يعطيان صورة سيئة عن الإسلام والقائمين على تلك المراكز هم السبب , والأولى بهم أن يستقيلوا ويحترموا عقول الناس فيكفينا تشويها للإسلام والمسلمين على يد غلمان سفهاء فلماذا نزيد عدد المسيئين .

هذا عدا عن أن هناك من وظف في ذلك المكان بقصد تعويق العمل للإسلام ويتلقى الدعم من بعض الجهات كي يبقى العمل الدعوي سطحيا غير منتج .

من حق كل مسلم أن يسأل ذلك الشخص الذي يتربع على مسؤولية الإدارة في هذه الجمعية أو ذاك المركز منذ أكثر من خمسة عشر سنة :

ماذا قدمت للإسلام والمسلمين ؟

ماهي البرامج التي نفذتها خلال الخمسة عشر سنة ؟

ما هي الأسس والقواعد الإدارية والمؤسسية التي أرسيتها ؟

ماهي الأهداف التي وضعتها ؟ وماذا حققت منها ؟

أين هي الوعود التي قطعت من أنه سيبدأ عهد جديد ؟

وكي يدافع عن نفسه فوسف يسرق جهود الآخرين وإنجازاتهم ويدعيها لنفسه , فلقد تعودنا على تلك النوعيات أنها تنسب لنفسها كل الإنجازات وتحمل الآخرين الفشل .

المدراء المتفردين والمستبدين والذين يتمسكون بمنصب رئيس الإدارة لفترة طويلة , يستخدمون أسلوب الطعن في الناس , فيجلس معك فتراه ينسف الآخرين حتى ممن يعمل معه في نفس الإدارة واللجان ويتهمهم بتهم ما أنزل الله بها من سلطان .

ويستخدم بعض الرموز ويجعلهم شماعة يعلق عليهم كل قراراته الفردية , وعندما تناقشه ببعض القرارات فيقول لك أنا مع وجهة نظرك لكن الشيوخ هكذا يريدون !!! فانظروا لنوع الفتنة التي يبذر بذورها , لكن السؤال المهم والمحير أن بعض
الشيوخ يعلمون ذلك ويصمتون فلماذا ؟ بل منهم من يعلم أن هناك من يضعه في الواجهة ويدفع به باتجاه المحرقة وتراه صامتا قابلا بما يحصل !!!

فنقول للجميع : الناس وضعت في أعناقكم أمانة فإما أن تؤدوها على أكمل وجه , أو سيعتبرونكم ممن ضيع الأمانة وخان حقوق الناس ولقد فقد الناس الثقة بكم ,ولسان حال الناس يقول لكم : إما اعتدلتم وإما اعتزلتم .

وأقل ما نقوله لكم : سنقف جميعا بين يدي رب العالمين يوم لاينفع مال ولا بنون , وهناك ستعرض الحقائق غير مزيفة وستحاسبون على هذا التفريط في الأمانة .

الى ديان يوم الدين نمضي ----- وعند الله تجتمع الخصوم

ستعلم في الحساب اذا التقينا ----- غدا عند الاله من الملوم .

( قال صلى الله عليه وسلم : صنفان من أمتي اذا صلحا صلحت أمتي , واذا فسدا فسدت أمتي , قيل يارسول الله ومن هما ؟ قال : الفقهاء والأمراء ).

يا أيها العلماء ياملح البلد ----- مايصلح الملح اذا الملح فسد .

وهناك مثل شامي يقول : بماذا اتذكرك ياسفرجل فكل قضة بغصة ...

طريف السيد عيسى

السويد – أوربرو

28/1/2011





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أشكرك على المشاركة ,سيتم نشر التعليق بعد تدقيق مضمونه .
(مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)