الجمعة، أكتوبر 23، 2009

سقوط الجولان ... من المسؤول ؟؟؟ 1/3

في شهر حزيران من عام 1967 , انتصر المحتالون وهربوا من مواجهة الحقيقة ,لقد هربوا من المحاسبة , فكان كرسي الحكم هو الضمانة لهم لقمع واسكات أي صوت يرتفع قائلا :
من المسؤول ؟؟؟؟؟
انهم فتحوا في جسد سورية جرحا عميقا مازلنا نتجرع ألمه جيلا بعد جيل , ولم يسمحوا لنا بمجرد أن نسأل :
من المسؤول ؟؟؟؟؟
من هذا الذي فتق فينا هذا الجرح العميق ؟؟؟؟؟
ورغم المرارة والألم بل الخيانة , فما زال وراث الثورة يرددون نفس الشعارات , ونفس الخطاب الثوري ( الصمود والتصدي والممانعة ) , وما زال الشعب مخدوعا .
فمتى تصحوا أيها الشعب من ذلك السراب الخادع ؟؟؟؟؟
لقد تمكن البهلوانات والأراكوزات من تحويل الخيانة الى نصر , طالما أن الثورة لم تسقط , وطالما بقي قائدهم الى الأبد :
أمتي كم صنم مجدته ----- لم يكن يحمل طهر الصنم .
لايلام الذئب في عدوانه ----- ان يك الراعي عدو الغنم .
قادة مهرة في الخداع ودغدغة العواطف والمشاعر , فهم يشاركون اعلاميا كل المناضلين في نضالهم , ويشاركون كل قوى التحرر في مواقفهم , لكنهم فعليا وواقعيا مثل :( القرعة بتتباها بشعر بنت خالتها ).
لن أتطرق لما حصل في حرب حزيران وتحليله , والأسباب التي أدت لتلك الفاجعة , فلقد تم اشباع ذلك تحليلا وتوصيفا .
بل أريد فقط أن أنشط الذاكرة حول مواقف الثوريين قبل وبعد الجريمة .
وسيتم تناول الموضوع من عدة جوانب :
أولا – ماقبل الحرب .
ثانيا – أثناء الحرب .
ثالثا – مابعد الحرب .
--------------------------------------
1/3
أولا – ماقبل الحرب .
من المتعارف عليه أن أي نظام أو دولة يستعد لخوض المعركة , فيقوم بالاستعداد لها ماديا ومعنويا , والاستعداد الماضي يتطلب أخذ أسباب القوة في كل المجالات , والاستعداد المعنوي يقتضي رفع الهمم وشحنها , وبما أننا شعب مسلم فكان لابد من التقرب الى الله تعالى واعلان حالة الصلح معه , بينما كان موقف القادة الثوريين عكس ذلك , حيث أعلنوا الحرب على الله وعلى كل القيم .
فهاهي اذاعتهم الثورية تصدح صباح مساء :
( ميراج طيارك هرب , مهزوم من نسر العرب , والميغ طارت واعتلت بالجو : تتحدى القدر ...) .
ولم يقف الأمر عند تحدي القدر عبر الاذاعة والتلفزيون بل يكتب الضابط ابراهيم خلاص في أفتتاحية مجلة جيش الشعب بتاريخ 25-4-1967 : استنجدت أمة العرب بالاله , فتشت عن القيم القديمة في الاسلام والمسيحية , استعانت بالنظام الاقطاعي والرأسمالي , وبعض النظم المعروفة في العصور الوسطى , كل ذلك لم يجد فتيلا ... مع كل هذا شمرت أمة العرب عن ساعديها ونظرت بعيدا بعيدا ... لترى طفلها الوليد يقترب شيئا فشيئا ... وهذا الوليد ليس الا الانسان العربي الاشتراكي الجديد ... الانسان المتمرد على جميع القيم ... ثم يتابع : ليس هناك سوى قيمة واحدة : وهي الايمان بالانسان القدري الجديد ... الانسان الذي لايعتمد الا على نفسه , وعمله , ومايقدمه للبشرية جمعاء , لأنه يعلم أن نهايته الحتمية الموت , وليس غير الموت , لن يكون هناك نعيم أو جحيم , بل سيصبح ذرة تدور مع دوران الأرض ...)
-------------

وتستمر عملية الخداع الثوري :
( في أواخر الشهر الخامس من عام 1967 اتصل وزير الدفاع السوري حافظ الأسد بالقيادة المصرية وأبلغها أن هناك حشود اسرائيلية تجاه الحدود السورية , وبعد جلاء الأمور تبين عدم صحة هذه المعلومات . نقلا عن كتاب الديمقراطية في الميزان للزعيم السوداني : محمد أحمد محجوب , ويضيف قائلا : أن العرب اتفقوا في مؤتمر قمة الدار البيضاء على وجوب تجنب الحرب , وانني أستغرب كيف استطاع البعثيون في سورية من استدراج مصر للحرب ودفعها لسحب قوات الطوارئ الدولية من قطاع غزة وشرم الشيخ )

وفجأة كعادته يطل قائدهم للأبد :
( يقف البطل القومي الثوري وزير الدفاع حافظ الأسد مصرحا لصحيفة الثورة السورية بتاريخ 20-5-1967 قائلا : انه لابد على الأقل من اتخاذ حد أدنى من الاجراءات الكفيلة لتنفيذ ضربة تأديبية لاسرائيل تردها الى صوابها... , وان مثل هذه الاجراءات ستجعل اسرائيل تركع ذليلة مدحورة ,وتعيش جوا من الرعب والخوف يمنعها من أن تفكر ثانية في العدوان ...,وان الوقت قد حان لخوض معركة تحرير فلسطين , وان القوات السورية المسلحة أصبحت جاهزة ومستعدة ليس فقط لرد العدوان الاسرائيلي , وانما للمبادرة لعملية التحرير بالذات ونسف الوجود الصهيوني من الوطن العربي... ,اننا نأخذ بعين الاعتبار تدخل الأسطول الأمريكي السادس ...,ان معرفتي لامكانياتنا تجعلني أؤكد أن عملية يقوم بها العدو هي مغامرة فاشلة , وان سلاح الطيران السوري تطور تطورا كبيرا بعد ثورة 23 شباط 1966 من حيث الكمية والنوع والتدريب , وأصبحت لديه زيادة كبيرة في عدد الطائرات , وهي من أحدث الطائرات في العالم وأفضلها تسلحا , كما ازداد عدد الطيارين وارتفع مستوى التدريب )
جيش عملاق سيسحق اسرائيل بلمح البصر بقيادة هذا البطل الثوري القومي , انه سوبر مان عصره .
---------------

ثم تنطلق حمى التصريحات فيتسابق الثوريون ليدلي كل منهم بدلوه :
( قائد الجبهة العقيد أحمد المير وبتاريخ 23-5-1967 يصرح قائلا : ان الجبهة أصبحت معبأة بشكل لم يسبق له مثيل من قبل)
ولم يحدثنا هذا البطل المغوار عن هروبه من ساحة المعركة متنكرا راكبا حمار .


( يقول ضابط استخبارات الجبهة الضابط خليل مصطفى بريز في كتابه سقوط الجولان : يثبت أرشيف وزارة الدفاع عن الكم الكبير من الضباط أصحاب الكفاءة واستبدالهم بضباط جدد ليس لديهم أي خبرة عسكرية , مثل : رفعت الأسد , عزت جديد , سليم حاطوم وغيرهم , وتم تسريح عدد كبير من الضباط ووصل العدد الى حوالي ألفي ضابط , كما قامت القيادة بسحب المؤن والأغذية الاحتياطية للحالات الطارئة وعدم استبدالها بمواد أخرى , كما قامت القيادة بسحب كافة الألغام من خطوط المواجهة وخاصة في هضبة الجولان والقنيطرة )
هذه هي العبقرية العسكرية البارعة لتلك القيادة , وهذا هو التخطيط لتلك الجبهة التي أصبحت معبأة , وهذا هو الأستعداد لسحق اسرائيل .
--------------


( بتاريخ 29-5-1967 عقد اتحاد المحامين العرب مؤتمر طارئ في دمشق , وقد القى فيه رئيس الوزار يوسف زعين خطابا ومما جاء فيه : ان انحناء اسرائيل أمام الرد العربي الحاسم الآن , يجب أن لايفسر بأنه أنتصار نهائي عليها , فهو ليس الا بداية الطريق لتحرير فلسطين , وتدمير اسرائيل , ان الظروف اليوم هي أفضل من أي وقت مضى فخوض معركة المصير العربي ....) نقلا عن كتاب سقوط الجولان صفحة 144
سياسي بارع سيسحق اسرائيل هو ورفاقه البعثيين , واذا بهم يسحقون الجولان ويقدمونها لأسرائيل هدية ما من وراها جزية .

( بتاريخ 17-5-1967 جاء في صحيفتي البعث والثورة : ان القوات المسلحة أصبحت في كامل استعداداتها تدعمهما قوات الجيش الشعبي التي احتلت مكانها وفق المخططات الدفاعية )
ماشاء الله عين الحسود فيها عود وكان لازمكم قطعة شبة وخرزة زرقاء .

( بتاريخ 19-5-1967 يقف أحد الثوريين الرائد محمد ابراهيم العلي قائد الجيش الشعبي قائلا : ان عشرات الألوف من جنود الجيش الشعبي أصبحوا في حالة تأهب واستعداد تام للقتال )
خذية العين عليك , اذا أخذ ما أوهب أسقط ما أوجب .

( بتاريخ 20-5-1967 يقف مهندس السياسة الخارجية الدكتور ابراهيم ماخوس وزير الخارجية مصرحا لجريدة أخبار اليوم : ولتثق اسرائيل ومن يشفقون على اسرائيل أنها ستواجه ضربات مصرية سورية من جميع الجهات )
ربما ولكن يقصد ضربات شمس , بس وينك اليوم يادكتور لسعتك على مواقفك ورأيك .

( يقول ضابط استخبارات الجبهة الضابط خليل مصطفى بريز في كتابه سقوط الجولان : قبل بداية المعركة جرت عمليات تغيير وتبديل ضمن الضباط والعسكريين , فهناك ضباط احتياط كانت مهمتهم قيادة فصيل مشاة فتم تسليمهم مهمة رؤساء كتائب , وهناك رؤساء اقسام عمليات في قيادات الألوية تم وضعهم في مهام ليست من أختصاصهم , وهناك ضباط مشاة تم تسليمهم قيادة واحدات مدفعية , وهناك ضباط اشارة فتم تحويلهم الى قيادة سرايا مدفعية , وهناك ضاربوا آلة كاتبة تم تحويلهم الى رماة مدفعية , وهناك ممرضين تم تحويلهم الى سائقي شاحنات ....)
هكذا يكون الاستعداد لخوض معركة المصير , وكيف لكن رح ننتصر , اذا طباخنا جعيص شبعنا مرق .

( يثبت الأرشيف والمراسلات الخاصة بعمليات الصيانة لسلاح الاشارة بأن 60-70 بالمائة من أجهزة سلاح الاشارة لم تكن صالحة مع بداية الحرب )
وليش التعب , فيمكن استخدام الحمام الزاجل في عملية المراسلة , حتى لايكشف العدو الخطة .

هذا غيض من فيض حول مواقف الرفاق والضباط الأشاوس قبل الحرب التي هددوا فيها بسحق اسرائيل وازالتها من الوجود , ولن نعلق كثيرا لنترك الوثائق تتكلم .
( يقول الدكتور سامي الجندي والذي كان يشغل منصب وزير الاعلام , في كتابه كسرة خبز : بعد دراسة امكانياتنا وامكانية العدو وجدنا فرقا شاسعا بين قدرتهم وقدرتنا ووضع جيشنا لايسمح الا بالصمود لساعات أمام أي هجوم اسرائيلي ... ويضيف أيضا : ان وزير الدفاع والنظام السوري يقرعون طبول الحرب وهم يعلمون ضعف الجيش , ان هدفهما من وراء ذلك تسليم العدو جزء من الأراضي السورية ...
يبدوا الرفاق متعودين على مصطلح الصمود والتصدي .
ومهما استخدموا من أنوع المنظفات , ومهما استخدموا من مواد التجميل , فانهم لين يخفوا حقيقة خيانتهم التي ستبقى سبة عار على جبينهم الى يوم الدين .
والى لقاء مع الحلقة الثانية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أشكرك على المشاركة ,سيتم نشر التعليق بعد تدقيق مضمونه .
(مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)