الخميس، أكتوبر 22، 2009

المفكر الإسلامي عصام العطار يتحدث عن البطل هيثم المالح

الأستاذ هيثم المالح والحرية وحقوق الإنسان

بقلم: عصام العطار *

أخبار الشرق – 21 تشرين الأول/ أكتوبر 2009

عرفتُ هيثم المالح من أكثر من ستين سنة، فعرفتُ به مِنْ مطالعِ شبابهِ إلى شيخوختهِ الاستقامةَ والنزاهةَ، والصراحةَ والشجاعة، في مختلفِ مواقفهِ وأعمالهِ ومجالاتِ حياته. ولاؤُه دائماً لدينهِ وأمتهِ وبلادهِ، وما يُؤْمِنُ به مِنَ الحقِّ والعدل، ويُكَرِّسُ لَه نفسَه من خدمةٍ دائبةٍ للإنسانِ وحقوقِ الإنسانِ في بلدهِ، وفي كلِّ مكانٍ آخَرَ مِنَ الأرض. لا يعرِفُ المداهنةَ والمساومةَ والنفاق، ولا يطلبُ مرضاةَ الناس؛ ولكنْ يطلبُ مرضاةَ اللهِ ومصلحةَ الناس، والنصيحةَ الصادقةَ الخالصةَ للهِ وللناسِ، وإن أزعجَ بعضُ صراحتهِ الجريئةِ بعضَهم في بعضِ الأحيان.. وهو لا يَصْدُرُ في ذلكَ كلِّهِ إلاّ عن عِلْمِه وبحثِهِ واقتناعِهِ الموضوعيِّ الذاتيّ، مُسْتَقِلاًّ عَمّا سِوى ذلكَ من المؤَثِّرات.

لقد صَدَمَني وآلمني نَبَأُ اعتقالِ هذا الصديقِ الكبير، والإنسانِ الكبير، والمحامِي الكبير عَنِ الإنسانِ وحقوقِ الإنسان

أَتَمَنَّى أن يُبَادِرَ النظامُ السوريُّ إلى رَدِّ الحريةِ لهذا الإنسانِ الحرّ، ولسائرِ سُجناءِ الرأيِ في سورية، مهما تَعَدّدَتْ أوِ اختلفتْ مَشارِبُهم ومذاهبُهم، وأن يكونَ هناكَ حِوارٌ وطنيٌّ حقيقيٌّ صادقٌ شامل، يوصلُ في هذه المرحلةِ التاريخيةِ الدقيقةِ الخطيرةِ إلى قَوَاسِمَ وطنيّةٍ أساسيةٍ مشتركة، وإلى تلاقٍ صادقٍ واسعٍ على هذه القواسمِ الأساسيةِ المشتركةِ، مِنْ فَوْقِ المصالحِ والمنافعِ والعواملِ الفرديةِ والحزبيةِ والفِئَوِيّةِ الضيّقةِ المفرِّقةِ، ومواريثِ الصراعاتِ والنـزاعاتِ الضارّةِ المهلكة.

إنّ المصالحةَ الوطنيةَ البصيرةَ الواعيةَ المخلصةَ في كل قُطْرٍ عربيٍّ أو إسلاميّ، والمصالحةَ البصيرةَ الواعيةَ المخلصةَ بينَ الأقطارِ والدولِ العربيةِ والإسلامية المختلفة.. هي الآنَ ضرورةٌ من ضروراتِ البقاء، ومواجهةِ المخاطرِ والتحدياتِ الكبيرة الْمُحْدِقَةِ بِنا، والتقدّمِ والحياةِ في عالمنا وعصرنا

يا حكّامَنا في كلِّ بلدٍ عربيٍّ وإسلاميّ

أما آنَ أنْ تُدركوا أنّ مصلحةَ بلادِنا، ومصلحتَكُم في بلادِنا، لا تتحقّقُ بِدَفْنِ أحرارِنا، أو المعارضينَ بيننا، في أعماقِ السجون، ومطاردتِهم في جوانبِ الأرض

أما آنَ لكم أن ترجعوا في أمورِكم، وأمورِ أمّتِكم وبلادِكم، إلى الحقّ، فالرجوعُ إلى الحقِّ خيرٌ من التمادي في الباطل

وسلامٌ على الشيخِ الجليلِ ابنِ الثمانيةِ والسبعين : أخي الحبيبِ هيثم المالح في سجنهِ وحيثما يكون، وعلى كلِّ مواطنٍ حُرٍّ طاهرِ السيرةِ والسريرةِ قال كلمةَ حقٍّ ودفعَ الثمن، وعلى كلِّ إنسانٍ حُرٍّ شُجاعٍ نبيلٍ يُدافعُ عن الإنسانِ، وحرية الإنسانِ، وكرامةِ الإنسان، وحقوقِ الإنسانِ حيثما كانَ مِنَ الأرض؛ فقضيّةُ الإنسانِ، وحرية الإنسانِ، وكرامةِ الإنسانِ، وحقوقِ الإنسان، هي قضيةُ البشر جميعاً جميعاً في هذا العالم والعصر، وفي كلِّ عصر.

__________

* مراقب عام سابق لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أشكرك على المشاركة ,سيتم نشر التعليق بعد تدقيق مضمونه .
(مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)