الاثنين، أكتوبر 12، 2009

مابين الوعظ والواعظين : شروط وضوابط ومؤهلات - 3/3

ثالثا – مصادر الموعظة :
لدينا مراجع تغنيا وتثري معلوماتنا , يمكن الإعتماد عليها في الوعظ والتعليم , ولابد للواعظ أن ينهل من هذه المراجع لتكون معلوماته مستقاة من ينابيع صافية , ويمكن ذكر بعض هذه المصادر :
القرآن الكريم , السنة والسيرة النبوية , سيرة الصحابة والسلف الصالح والتابعين , قصص الأولين , خبرة الواعظ ومعلوماته التي اكتسبها في حياته .

( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين ) سورة يوسف – آية 3.
لكن على الواعظ أن يتحقق ويتثبت مما ينقل , حتى لايقدم للناس معلومات خاطئة أو موضوعة أو مدسوسة , فالوعظ تبيلغ لدين الله , وتبيلغه يجب ان يكون بمعلومات صحيحة وموثقة .
رابعا – أمراض بعض الوعاظ :
1-انفتاح الشهية للكلام:
فأصبح حب الحديث داء مزمناً لا علاج له إلا بارتقاء المنبر، وتوليد الكلام، وقد كان السلف ينأون عن الكلام، ويجنحون إلى الصمت، ويحمدون الله على السلامة، فإذا ابتلوا بالقول استعانوا بالله وقالوا، واليوم أصبح الواحد منا همه أن يعظ، ولو لم يعمل بما يقول، بل ربما ليس لديه علم شرعي أصلاً، فهو يحرف في الحديث، ويتدفق بالجمل ولو لم يجد المعاني.
2- عدم توفر العلم بالإلقاء:
نتيجة عدم الدربة المسبقة على الخطابة، وعدم ترويض النفس عليها وسوء الإلقاء، مما يضيع على المتكلم مادته وأفكاره فبعضهم يخفض في موضع الرفع، ويرفع في موضع الخفض، وبعضهم يسير العنق في السهول فتجد تنافر الإشارات والعبارات والنغمات والإيقاعات، وإنما الخطيب المجيد من وافقت إشارته عبارته، وحسنت نغمته، وجادت بديهته.

3- إقحام نفسه بالفتوى:
أن من الوعاظ من يظن أنه إذا أحسن الكلام أحسن الفتيا، فتجده يستقبل الأسئلة، ويتحدث في كل مشكلة، ويجيب عن كل سؤال حتى في المعضلات، فيصبح ضحكة للناس، ونادرة للسمار.
4- الفرح للمديح وكثرة الحضور :
ومنهم من يحب الثناء، ويعشق المديح، ويستأنس للإطراء، ويهش لتقبيل الرأس، وربما حنا رأسه للناس ليقبلوا رأسه، وربما وجد في نفسه ممن لا يمنحه تقبيلاً , ومنهم من يفرح لكثرة الحضور , وينزعج لقلتهم , ويعاتب في ذلك , وقد يكون هو السبب لنفور الناس من الموعظة .ومنهم من يحدث في المجالس عن مدى تأثير وعظه، وكيف بكى الناس من كلامه، وكم تاب في مجالسه، وكثرة من يحضر له، فهو دائماً وأبداً يعيش ذاته، ويترجم لشخصه، ويتحدث عن سيرته الذاتية.
5- الغرام بلقب الشيخ :
ومنهم المغرم بالمشيخة، الحريص على التعالم حيث المشلح والتظاهر بكبر السن، ورجاحة المشية، والانحناء، والتنحنح، والتصدر في الطريق والمجلس، وتفريغ الكلام في قوالب رؤية النفس، كأن يقول هكذا قال مشايخنا، وهذا ما أراه، والذي يظهر لي,وقال لي بعض إخواننا , وحدثني بعض طلابي , وأخبرني أحد من يحضر دروسي , واتصل بي بعض المشايخ , وهكذا يفعل العجب بأصحابه
6- التناقض بين طرحه وسلوكه :
بعض الوعاظ ومن يسمون بالشيخ , تراه يتحدث عن أمر معين فيتشدد في طرحه , ويعتبر هذا الخلل هو السبب بالنظرة السلبية من قبل الغير تجاه الإسلام , لكن هذا الواعظ هو نفسه يرتكب ماينهى عنه الآخرين , وأي تناقض
هذا !!! وكيف سيصدقه الناس !!! ولماذا هذا التغابي على الناس !!!

( قال الإمام الغزالي رحمه الله : الوعظ زكاة نصابه الإتعاظ , فمن لانصاب له كيف يخرج الزكاة ).
خامسا – مقترحات ونصائح :
1- يتوجب على القائمين على المساجد أو المراكز الإسلامية وخاصة في الغرب كون لاتوجد سلطة يدعمها قانون , أن تكون لديهم خطة دعوية , تتضمن الهدف من الدروس, نوعية الدروس , المدرسين والخطباء والوعاظ .
2- يتم إختيار المدرسين والخطباء والوعاظ من أصحاب الإختصاص والعلم والخبرة والكفاءة , لا أن يكون الإختيار تحصيل حاصل , أو إرضاء وإسكاتا للبعض حتى لاينتقدوا القائمين على العمل والإدارة , ذكر لي أحدهم أن عندهم
شخص يقوم بمهمة الوعظ لكنه غير أهل لذلك , فنصح إدارة المسجد أن توقفه عن الوعظ , فكان جوابهم : نحن نعرف أنه ليس لديه علم , ونعرف كل شئ عنه , لكن لانريد مشاكل معه , فلننظر كيف يتم التعامل مع الأمور التي تخص الشرع والدين !!! بينما لو كان أمرا دنيوي لتم التعامل بطريقة مختلفة تماما .
3- منع القائمين على الوعظ بالدخول في قضايا الخلاف الفقهي , منعا للفتنة والقيل والقال .
4- تشكيل لجنة شرعية تختص بالفتاوى وما يتعلق بها .
5- عدم المساح لأي شخص بإعطاء درس إلا بعد علم القائمين على العمل .
6- معرفة ماسيتم طرحه بالدروس خشية طرح ما لايناسب ويسبب المشاكل داخل المسجد أو خارجه .
7- التركيز على مايهم ويلامس واقع الناس وهمومهم .
8- التركيز على سماحة ورحمة وعدالة الإسلام .
الخاتمة :
في الختام أنبه الإخوة إلى أن بعض ماذكر عن الموعظة والواعظ ما هو إلا خطوة على طريق البناء والإعداد للواعظ والداعية المسلم ، وحتى يتحقق هذا الهدف لا بد من الاهتمام بالتدرب والممارسة العملية لهذه المهارات .
كما أنبه إخواني الكرام إلى أن كثيراً من القواعد والمهارات قابلة للاجتهاد ، وقد تختلف فيها الأنظار ، فلعل أخاً كريماً وناصحاً مشفقاً يعذرنا إن أخطأنا أو قصرنا في شيء ، ويتمم معروفه بالنصح والتسديد .
أسأل الله تعالى أن ينفعنا بما جمعنا وأعددنا وكتبنا، وأن يجعل ما نتعلمه عوناً لنا على تبليغ شرعه ، والدعوة إلى دينه .
اللهم يا حي يا قيوم ، برحمتك نستغيث ، أصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين .
والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

هناك 3 تعليقات:

  1. بارك الله فيك

    ردحذف
  2. مواضيع قيمة

    ردحذف
  3. جزاكم الله خيرا على هذا المقال المفيد

    ردحذف

أشكرك على المشاركة ,سيتم نشر التعليق بعد تدقيق مضمونه .
(مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)